من الذكريات احكي عن ذكريات
تحركت من الكلية ككل يوم خميس سرت فى نفس الطريق الى مقر جمعية محبي الفنون بجردن ستي
كم احمل لهذا المكان الكثير من حب وشوق
المهم انتهت خطواتى على كرنيش النيل بصلاتى فى مسجد صغير هناك
صليت المغرب ثم عبرت الطريق لادخل الشارع الذى تستقر به بناية الجمعية
وها انا اهم بصعود سلالم المقر القليله وهو يتحرك بهدوء جانبي رجل كبير فى الستين تقريبا ابيض الشعر اسمر اللون نحيف متوسط الطول
كانت عيناي تراقبان حركته البطيئة نسبيا من بداية دخولى لهذا الشارع وهو يعبر الشارع الصغير ببطء
تجنبت النظر اليه حتى لا اسبب له شيء من احراجه
وعند اخر السلم توقفت واتخذت قراري وكان هو عند بداية السلم
نزلت تلك السلالم الى ان اصبحت بمحاذاته
ونظرت له باسمة
بعد اذن حضرتك ممكن ؟-
مددت له ذراعى فبتسم لى وقال
شكرا-
كررت مد الذراع وقلت
لو سمحت-
فامسك كفه الاسمر النحيف صاحب الاورده النافرة -كف رقيق الملمس جدا- لم المس مثله الا مع شخص واحد هجرنى منذو زمن
امسك بكفي وقال لي
اذن لا تجذبينى انا ساستند الى كفك فقط-
قلت له
حاضر-
اكد على على الا اجذبه حتى لا يختل توازنه فيسقط وامتثلت تماما لتحذيرة
صعد معى السلم واخذا يحادثنى وهو سعيد
حديث متخم بود ولطف غير عادي
انتهت السلالم وانتهى الحديث بشكره لى فاستنكرت ذلك بلطف قدر المستطاع فحقا لست مقتنعه بان ماحدث يستوجب الشكر منه لى وصغت السبب فى شيء واحد هو انه حقه وما فعلته ليس الا تادية لهذا الحق
المهم
وصلنا لنهاية السلم واحنا محملين بالكثير من الود لبعضنا
طلب منى ان استمر فى طريقى الى الداخل
طلب ذلك بكل لطف
فاستجبت
ودعته ودخلت الى القاعة التى سينضم هو لها بعد قليل
امضيت الجلسة هناك كان حوار فى ندوة لطيفة لطالما اعتدت على ذلك
ولكن فى هذا اليوم كان هناك مثير غير عادى اثر على
كنت احس بحبور وسعادة وامتنان عنيف لله
اخذت الذكريات تعصف بعقلى
ها انا اتذكر غائبي وبقوة
هاهو بكل حبه وحرصه على يحل بالمكان ليربت على كفي الصغير الخشن امام رقت ونعومة واحتواء كفة الاسمر
تذكرت هناك احساس كنت افتقده من عدة سنوات
هاهو يحتوينى بكل قوة يحملنى على استرجاع كل ما ابقيته ساكنا مجمد داخلي
لقد استيقظ كله داخلي
انتهت الندوة
وقفت اسلم على كل الحاضرين فكلنا يعرف بعضه البعض بصور متفاوته فى الحميمية والود
واذا بكل يد تسلمنى لاخري لاستقر فى النهاية امام ذلك الحديث العهد بجلستنا
بمن التقيت به منذو ساعة ونصف على السلم
على من تركته هناك على باب القاعة قبل ان ادخل استجابة لطبة فقط
وقفت صامته لتحادثة ابتسامتى الممتنة له
وليرد هو باختها على
واخذ يتحدث ثالثنا ليكمل تعارفنا
اخذت قرارى للمرة الثانية وودعت الجميع مبكرا حتى ابقى على شيء من الاستقرار داخلى
خرجت مهروله
احتاج لهواء غزير اغرق به كل ما يجيش داخلى من انفعال
حقا خرجت من المكان وقد تملكنى توتر عنيف ظهر على فى صورة صعوبة فى التنفس
ها انا ابتعد
ها انا ابدأ فى الثرثرة بصوت عالى فى وسط ذلك الشارع الهادء تماما
انظر للسماء
تكاد الدموع تهوي من عينى
انفعالى يزداد
ولكن هذه المرة لخوفى فما انا بصدد فعله من هروب سيودى بى الى ندم عنيف وذلك باقل تقدير عند نهاية هذا الشارع الضيق
فلاعد وليحدث اى شيء
فلاعد فربما عندما اصارحه بما احس يهدء كل هذا الشوق المهلك الذى غمر كل كيانى اثر تعاملى معه
ها هى خطواتى السريعة وكانها هى من ترغب فى العوده ولست انا
ها هى عينى تهدء وكأنها تحاول اقناعى بانها لن تثور لتغرق الكون عندما اقف امامه لاصارحه
هاهو نفسي يهدء انه يؤكد لي واعرفه كاذب فى انه لن يرتج بعنف امامه
كلى يحتال على لاعود لذلك الغريب
ها هى انا تقف على باب القاعة فى ذلك المقر لتتأكد من صدق الكل داخلها ربما صرحت له بدون انفعال جموح لا يعلم احد حتى هى متى يكتب له ان يهدء
اقترب اليه وهو يقف -يصر على الوقوف- بينهم يتحدث
ها هى انا بمحاذاته معهم
يصمت وينظر مبتسم لى
ابتسم فى خجل
اقول بشكل متقطع تائه فى انفعاله
انا عدت لاقول لحضرتك حاجة-
قولى-
اصمت
اه انا عوزة اقول...-
اه-
انظر لاعلى لعلى استجمعنى افاجأ بنجوم تملأ السماء
كيف للسماء ان تملاء سقف القاعة
ابتسم
تبدأ دمعة فى الفرار تتبعها اخرى
اقول بسرعة من يهرب من سيطرة عقله
من يفر من قيود الواجب والصح والمفروض
اقول له بانفعال ودود مبتسم
حضرتك كنت بتقول لى شكرا وانا قلت لحضرتك انه حقك-
وعدت الان وسامحنى وانا اقول-
انا رجعت لاقول لك انت شكرا-
عندما امسكت بكفك تذكرت بابا من احبه جدا بك شيء منه كبير- هذه الكف اشتاق لها -
وعندما فعلت ما فعلت -
وطوال جلستنا هنا وحديثى معك وانا افكر فى كم ما انجزته انت لى من سعادة -
حققت لى امنية عزيزة حاولت ان اتناساها بكل قوة لاستحالة تحقيقها-
كنت اتمنى ان افعل معه ما فعلته معك -
كنت اتمنى ان اقف نفس الموقف بجانبه ولم افعل لانى لم اكن اعلم ان النهاية اقرب بكثير من اى تصور لى او لغيري-
وانا معك لمحتنى معه -
التحمت بحلمى فى ظل تعاملى معك-
عدت لاشكرك-
فما انجزته لى اكبر واعظم مما يمكن ان اصفه بكلمات -
مهداة لك يا من تملأ حياتى
احلاما واغانى