Wednesday, September 29, 2010

بكائية

بعد رحيلك بأربعة اعوام واثناء اتجاهي للكلية برفقة زميلاتي بالقسم
سالتني
فريدة انت ليه لازم تقولي بين كل جملة والتانية بابا قال او بابا عمل؟
وكأني كنت انتظر هذا السؤال من يوم وفاتك لانساب دموع وارتعد انفعالا وانا اكرر
انا من حقي اتكلم عنه
انا من حقي
...
وكأني كنت احتاج ان اعلن للعالم ان فقدي لك كان عظيما للدرجة التي يصعب معها تخيل انه يمكن ان يحدث
فكيف حدث؟
بعدها لم اذكرك مجددا في كلماتي
***
بعد رحيلك بستة اعوام قابلت بالصدفة شخص طيب اعتز باني قابلته يوما وهو فعلا كان لقاء ليوم واحد تحدثنا فيه حديث الأخوة
اتذكر اني يومها ادركت اني فعلا توقفت تماما عن ذكر ملامحك الحية داخلي لمن اتكلم معهم
فاذا بي اقول له
هناك شخص ملهم لي احبه واتشوق للقائه واعتدت ان اعرف الناس عليه حتي في غيابه
انه ابي
ولكن لن اكلمك عنه كما كنت اكلم الكثيرين من قبل
اسمح لي ان اعرفك به بقصة عرفتها عنه ..انا من عرفها وخبرها وانبهر بها
بعد وفاة ابي وقع في طريقي صدفة شريط كان مسجل بصوته وكان سيرسله الي جدي -والد والدتي - كانا صديقين حميمين
سمعته يقول لجدي الذي علم انه مريض بمرض خطير
انا مش هقول لك الطب والدوي كل ده مش مهم
انا عارف انك مؤمن يا عم محمد ليس لنا الا الله
يومها هالني انه كان يحمل صفة رجولية رائعة
انه يفعل ما يقول
توفي والدي بنفس مرض جدي لامي
واتذكر انه وهو علي فراش المرض قال
لو ان هذا من ذنوبي فلتطهرني يا رب
ليس لي الا انت
كان رجلا مؤمنا كما اظن
عمل بنصيحته لجدي ولم يقف الآلم بينه وبين ان يفعل ما يقول وينصح به الاخرين
يومها لمحت صورة ابي مكتمله فنادرا ما نقابل في زماننا من يعمل بما ينصح به غيره
وخصوصا اذا كان الصبر علي الآلم القاتل
قال لي ذلك الصدق يومها اجدتي الاختيار اظنني عرفت اباكي جيدا
***
اول امس وبعد رحيلك ب14 عاما قالت لي زميلتي الجديدة في العمل والغرفة
انت ليه ما بتتكلميش عن ولدك خالص
صمت
ثم علت شفتي ابتسامة واستقر نظري في استقامته وكأن احدهم اخبرني للتو اني امشي عارية في الطريق
تكلمت عنه في ايجاز
ادركت اني اعاني في محاولت حديثي عنك
اتلعثم اكرر الكلام بلا داعي
ثم اخبرتها اني كتبت عنك في مدونتي هذه مرتين
وبدأت اتلو لها ما كتبت
ثم
صمت وقطرات الدمع تقف امام عين الهاربة منها وربما مني
ومازلت احتفظ بابتسامة ولكنها ساخرة
كنت احادث نفسي
ايتها المريضة كلما تخيلتي انك اصبحتي طبيعية ومتقبلة لفكرة رحيله ادركتي انكي اي نفسي اي تلك القاسية مازلتي تراوغين
***
ابي
حبيبي الطيب
مازلت احمل لك الكثير الذي لم اقل
ابي
يا دره حملتها في تاجي
ازهو بها واميل وان لم يرها سوي
ابي
يا نورا علي الطريق
ابتغي الصلاح في وصاله
ابي
المنظر من نافذة سيارتك في ظلام الليل يعني انك معي وان الكون لا يخيف
ابي
ادركت يوم رحيلك اني سأظل اسعي
الي ان اطرح راسي علي صدر طيب
ابكيك فيه
الي ان يغلبني النعاس
.

13 comments:

Unknown said...

لأنه لازال يحيا ونحيا معه
هو عند أحبائه ونحن نتذكره
قصتك جميلة وقصته جميله
ودعاوءه أجمل اللهم تقبل منه
عطية

Unknown said...

لا اعرف بماذا ارد لكني مصر على الرد
فانت قد لمست وترا مشدودا في كل من يفتقد عزيز عليه لكنه مازال لم يفقد الاحساس

لن يسعفني الرد مهما كتبت او اطلت في اظهار ما اريد قوله

لكن فقط ادعو الله ان يرحم موتانا
و ان يديم عليك هذا الاحساس
الذي ارى انه لو مر على رحيل اباك 100 عام سيظل في قلبك كانه توفي بالامس

فان بياض القلوب و شفافية النفس
نعمة من الله

دمت بخير يا باشمهندسة :))

فريدة... said...

آمين يا محمد

كلماتك طيبة يا اخي

تحياتي الممتنة لك

فريدة... said...

ازيك يا أحمد
دائما كلماتك صادقة يا أخي

لك شكر وامتنان

والحمد لله يا أحمد

احنا في نعمة

تحياتي لك

Unknown said...

فريدة ..
ألم الفقد يصعب تحاشيه حتى و لو بعد مئة عام
وجعني كلامك و جعل عيني تدمعان
يا الله

Lobna Ahmed Nour said...

دمعة باسمة..
وتربـِـيتة على قلبك
:)

فريدة... said...

اسفة اني وجعتك يا شيماء

سمحي الكلمات

فريدة... said...

Unique

شكرا لكرمك
:)

بحلم said...

في أول تأخر مسائي خارج المنزل لي بعد وفاة أبي، كنت معك..شعرت بأغرب شعور مر علي في حياتي..شعرت بأنني خائفة من العالم أجمع راودني احساس مرعب بأنني غير آمنة..وأنني أرغب في العودة للمنزل قبل أن يتوغل الليل
كنتِ هناك يا فريدة
ربتي علي يدي وقلتِ:"دة حيعدي..عيشيه بكل تفاصيله عشان حيعدي"..كنتِ مطمئنة..ولعلي أدركت الآن أنك مثل أبيك..لا يحول الألم بين قولك وفعلك
شكرا يا فريدة

فريدة... said...

وحشاني ولن ازيد

فريدة... said...

تصادف هذه التدوينا
يوم الذكري الرابعة لرحيل عمو احمد حمد

زوج عمتي
الذي حل في حياتي بعدها وبعد ابي ليؤنسها ثم غادر دون ان اودعه
لا اعلم كيف استطاع ان يفعل ذلك وهو يعلم اني اانس بوجوده دون سواه
ليتركني في غربة اظن اني الفت ملامحها مع مرور الزمن

الله يرحمهم جميعا

نجاة said...

لامست قلبي هذه التدوينة...
فالشهر الماضي كانت ذكرى رحيل أبي الثالثة عشرة..

فريدة... said...

:)
الحمد لله ان في حياااااتني ذكريات طيبة