Wednesday, January 25, 2012

حقيقة اللقاء

"باب من جو باب من جوي باب .. انت كده
"بس انت قلتي اني واضح"
ترسم ابتسامة الرضي وتقول
"آه ... انت واضح"
تكمل .. فترك النهايات مفتوحة لا يبهجه
"ما هو الباب من جوه باب من جوه باب بس هي كلها مفتوحة .. وكل ما ادخل من واحد القيني بتملي نشوة وشوق للي بعده.. اجمل حاجة اني كل ما ادخل من باب اسيب حاجة من اللي شيلاها براه .. كل ما ادخل اكثر .. اخف اكثر"
***
جبت يومها كل طريق فتح بابه لي. اتجول بعشوائية طفلة تعبث بصندوق جدتها. وحيدة يملأني الاستقلال . لمست كل ماوصلت له يدي. زرت الكثير حتي انتهيت له وانا مجهده. عملاق احاول تحسس قمته بعيني فانتهي بنفس انهكه الصعود. لا امني نفسي بالزيارة او فتح بابه لي فوقت الزيارة غادرنا منذ ساعة. اقترب من الباب المفتوح لانظر فقط للساحة الخارجية المحيطة به .. انه سور من وراء سور ..
يخرجني صوت مملوء بطين الأرض يقول: "قفلنا خلاص يا استاذة"
اقول له : "آه .. عرفة .. لكن حضرتك تعرف مكان اصلي فيه العصر"
ينظر الي ويقول: "ادخلي .. صلي جوه"
يبهرني العرض واقبل علي الفور معلنه له اني ادرس الفن وان معي ما يثبت ذلك .. فلن يندم.
يهز رأسه بعد ان اتجه للباب العملاق قائلا : "ادخلي .. ادخلي"
اميل حتي اتخفف من حذائي علي الباب .. فيقول : "ادخلي .. ادخلي المكان مليان تراب"
اخلع حذائي علي الرغم من كلماته واقول له : "مش مشكلة"
امام جلال المكان لا املك شجاعة الولوج اليه دون اجلال له.
الاماكن تشبهنا .. ترسم ملامحنا وتهدي لارواحنا عطايا الود كلما تلمسناها بيقين .. اقف علي الباب المفتوح.. لا اذكر كيف دخلت .. كيف تخطت قدمي عتبة هذا الوجود .. اذكر جيدا تراجع قدمي امام اتساع المكان .. تتراجع لتلمس عتبته راجية الا تخرج منه .. انظر خلفي علي استمد قوة من اي وجود بشري فاجد ذلك الرجل بجلبابه يجلس علي كرسي الحراسه .. ااخذ نفس يتسع به صدري فأكون شيء ما امام هذا البهي.
ابدأ في سرد خطواتي السريعة المتوترة علي ارضه .. اسمع همس احجاره .. يتهامسون بوصفي .. كلما خطوت خطوة اتوهم بها اني اقطع الطريق لأخره اكتشف توغلي في المجهول .. يزداد الطريق بخطواتي فيه فلا ينقص.
بوابة عظيمة تفتح لك ساحة من الوجود المهيب رغم التراب الذي توغلت فيه قدماي. ساحة واعمدة وقبه ومأذنة حلازونية مبهرة. امام كل هذا الجمال اخاف تهور احساسي به فاتراجع. اتخذ قرارا صارما امام هيبة هذا العالم . لن أتوغل اكثر .. اقف عند اول عمود واقرر اني هنا ساصلي واغادر.
اعمدته كتف بكتف ترسم صفوفا ممتدة. تكرارها يحمل لي موجات الصوت الصادح بالصمت. اصلي بهدوء واطمئنان. استمتع بأحتضان جدرانك لي .. وبهمسات الهواء من بين اعمدتك بأسمي وأسماء آخرين.
انتهي من صلاتي واقف منتصبه احاكي استقامة كل شيء فيه. انظر لابعد نقطة تصل لها عيني في شغف. امني نفسي بلقاءها يوم ما.
العقد وراء العقد وراء العقد .. صوتك حي .. لا مواربة فيه .. مع ضخامتك تحمل تكراراتك المتتالية شيء من حياء عند اللقاء. اتخذ قراري واغادر المكان.
***
مر عام الا ايام .. ننتظر العوده .. انتظر امواج تجبر الزمان والمكان علي التنحي امام جلالها .. امواج الصوت والتحام يعني البقاء ولو كان في السماء .. في الميدان ... تلتحم الأكتاف في الزحام . كتف بكتف . نمتد لصفوف تهدر كموج البحر. يصدح صوتي .. تنزل كفي مضمومة علي صدري يقينا بوجودي كفرد يعني امة .. الرعاية انشودة الكل للكل .. نور بالعيون يرزق القلب استقرارا ويقينا في النجاة .. هكذا تحمل الصفوف المتتابعة لروحي النور وهي تمر امامي او اتنقل بينها ..
صلاة .. تروي شغف الوصل فاجد حقيقة اللقاء .. .. اجدني فيك استند الي اعمدتك ومعه ادخل الباب تلو الباب.
تمت
22 يناير 2012م
 

No comments: